خذ مثلاً.. دبّاباتٌ ستٌ في بغدادَ.. ونشراتُ الأخبارِ تقولْ سقطتْ بغدادُ.. من المسؤولْ؟ فعلٌ مبنيٌ للمجهولْ
خُذ مثلاً.. في الوطنِ العربيِّ.. ترى أنهارَ النّفطِ تسيلْ لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ
والدّمُ أيضاً.. مثلَ الأنهارِِ تراهُ يسيلْ لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ
والدّمعُ.. وأشياءٌ أخرى.. من كلِّ مكانٍ في الوطنِ العربيِّ تسيلْ لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ
فلكلِّ زمانٍ تجّارٌ.. والسّوقُ لها لغةٌ وأصولْ
أمّا نحنُ البُسطاءُ.. فأفضلَ ما نفعل.. أن نفرحَ حينَ يفيضُ النّيلْ أن نحزنَ حين يغيضُ النّيلْ أن نرقصَ في الأفراحِ.. ونبكي في الأتراحِ.. ونؤمنَ أنَّ الأرضَ تدورُ.. بلا تعليلْ والموتُ هنا.. مثل الفوضى والرّيحِ.. يجيءُ بلاسببٍ.. وبلا تعليلْ والحربُ هنا.. حدثٌ ميتافيزيقيٌ.. فاعلهُ إنسانٌ مجهولْ وضحيّتهُ أيضاً مجهولْ
هذا تفكيرٌ عربيٌ.. عمليٌ.. شرعيٌ.. مقبولْ في زمنٍ فيهِ حوادثنا.. كمذابحنا.. ومآتمنا.. أفعالٌ تبنى للمجهولْ
فعلٌ مبنيٌّ للمجهولْ عفويٌ.. مثل شروقِ الشّمسِ.. بديهيٌ.. مثل التّنزيلْ أمرٌ مفروضٌ.. حتميٌ.. وقضاءٌ مثل قضاءِ اللهِ.. بلا تبديلْ
فعلٌ مبنيٌ للمجهولْ وعلينا أن نصبرَ دوماً.. فالصّبرُ جميلْ
ما أسخفها تلكَ الجّملةُ.. " الصّبرُ جميلْ " ولدتْ جملاً أخرى تُشبهها.. خُذ مثلاً.. الخوفُ جميلْ الذّلُّ جميلْ الموتُ جميلْ الهربُ من الأقدارِ جميلْ
وجميلٌ أن يُقتلَ منّا.. في غزّة يوماً.. مائةُ قتيلْ وجميلٌ أن ننسى في اليومِ التّالي.. فالنّسيانُ جميلْ
وجميلٌ أن تأتينا أمريكا.. بجيوشٍ وأساطيلْ وجميلٌ أنْ تحترقَ الأرضُ.. فلا يبقى زرعٌ ونخيلْ وجميلٌ أنْ تختنقَ الخيلُ.. فلا يبقى نزقٌ وصهيلْ وجميلٌ أنْ تتهاوى كلُّ عواصمنا.. كي تبقى.. " دولةُ إسرائيلْ "