]قال ابو عبدالله محمد ابن ادريس الشافعي فيما روى عنه : ان للعقل حداً ينتهي اليه ، كما ان للبصرحداً ينتهي اليه وروى عنه انه قال : قال ابن عباس لرجل / اي شيئء هذا فاخبره ثم اراه شيئا ابعد منه فقال اي شيئء هذا ؟ قال انقطع الطرف دونه قال : فكما جعل لطرفك حد ينتهي اليه كذلك جعل لعقلك حد ينتهي اليه فلا تفهم ان عقلك يشتغل بادراك كل شيئء فهناك امور لامجال له فيها او لا يمكنه معرفه خصائصها بدون ان يهتدي بادله السمع ويستنير بقواعد الشرع
قلت : ان عجز الانسان وعدم قدرته على ((الاحاطه )) يعني قصور في عقله عن ادراك مايرغب في ادراكه ويخطئ الذين يظنون او يعتقدون وجود قدره (( مطلقه )) للعقل يستطيع بها فتح ابواب غير عاديه
إن قدره العقل في ارتياد كثير من المجهولات امر ممكن لحدوث في كل زمان ومكان ولكن الاحاطه (( المطلقه )) تعتبر من المستحيلات الماديه على العقل البشري مهما كان نفاذه فان كان البصر _ مهما كانت حدتة يقف عاجزا عن النفاذ الى ما وراء الحواجز والحجب فان العقل البشرى مهما كانت قوته يظل عاجزاًَ عن الاحاطه المطلقه
وتستمد الدلائل عبر حدود العقل من الوقائع الماديه البسطيه التي يعايشها الانسان ولا يلقى لها بالا فنحن قد نعرف خصائص معينه للكائنات كزحف نوع معين من الحشرات على نوع من الشجر دون غيره فنعلل ذلك بمذاق هذا الشجر اورقه ملمسه الا ان العقل يقف عاجزاً عن تعليل قيام نوع أخر من هذه الحشرات بالتسلط على ذلك النوع من الحشرات واكله دون غيره وربما يتصور العقل ان الحشره الماكوله صارت مقبوله غير طعمها للحشره الاكله بسب تغذيتها من الشجره ذات الخصائص _
وهنا يبرز سؤال اخر : لماذا تترك الحشره الاكله الشجره وتلجا الى الحشره التي تتغدى منها ؟
هل المقصود مثلا حمايه الشجره بقتل الحشره المتسلطه عليها هل المقصود دفع ضرر محتمل للانسان من اكل الحشره لاوراق الشجره ام ان المقصود ان تتغدى الحشره المتسلطه لتكون طعاماً لحشره اخرى .؟
ومثال أخر نراه في الانتحار الجماعي للحيتان امام بعض السواحل الامريكيه والاستراليه . ومشهد الغرابه انها تقف في صف منتظم قبل الفجر ثم تنتحر جماعياً وترتمى على الشواطئ على نحو يشبه الخط المستقيم
ومثال أخر نراه في الرحيل الجماعي المنتظم للطيور حين تنتقل من مكان الى اخر يبعد عن الاول الاف الاميال ومشهد الغرابه انها تظل في صفوف منتظمه وتتناغى بلغه واحده وتنزل في مكان واحد ثم تتكيف في هذا المكان الى ان يأتي موسم اخر لرحيلها الى مكانها الاول او مكان ثالث او رابع
واذا كانت هذة الامثلة البسيطة تدل على محدودية العقل امام فهم اسرارها ومكنوناتها فان محدوديتة امام الظواهر الكبرى امر مسلم بة تسليما مطلقا وسيظل اى تطور يفجرة العقل البشرى مرهونا بالاردة الالهية التى تتحكم بالكون والتى بينها اللة فى قولة الكريم : (ولا يحيطون بشئ من علمة الا بما شاء )