كلمة (نفير) أتت من (نفر)، و(النفر) في اللغة العربية الفصحى يأتي بمعنى (مجموعة من الناس) أما في العامية السودانية فـ (نفر) تعني شخصاً واحداً، حسنٌ الآن ما هو (النفير) في العامية السودانية؟ سأضرب لك مثالاً أولاً وبعدها سيتضح كل شيء، أفترض أن شخصاً اسمه (حسن) يسكن في قرية ما، وكان ينوي أن يبني بيته، لديه مواد البناء ولكن تكلفة البنائيين واليد العاملة أكبر من إمكانياته، فتبرّع عشرة أشخاص من القرية ليبنوا له البيت بدون مقابل، فقط عليه تجهيز وجبة كبيرة ويحبّذ إن ذبح كبش أقرن أملح وجعله شواء رائحته تسرّ المستنشقين، هذا هو (النفير) بكل بساطة، مجموعة من الناس تقوم بعمل في الحي أو القرية أو المجتمع لصالح شخص ما، وليس بالضرورة وجود الكبش الأقرن سالف الذكر، ولكن على هذا الشخص أن يُلبّي النداء لأي نفير في القرية، والنفير لا يقتصر على بناء المنازل فقط، يمكن تطبيقه في الحصاد، نفير لبناء مسجد، نفير في الكوارث مثل عمل حاجز ترابي لصدّ الفيضانات، ويمكن تعميم القول أن كلّ عمل يجتمع عليه ثلّة من القوم لتأديته بلا مقابل يعتبر نفير.
فـ النفير إذاً نظام اجتماعي درج عليه أهل السودان منذ زمن بعيد، ينتشر قليلاً في المدن وفي القرى غالباً، وهو عملٌ يدلّ على أن المجتمع السوداني تسود فيه روح التكافل ومساندة الضعيف، وتربط بين أفراده الشهامة والنخوة والمروءة، فـ النفير في مرّات كثيرة لا يحتاج إلى أن يدعون له أحد، (حسن) سالف الذكر إذا تهدّم حائطه بفعل العوامل الجوية، ما إن يروا أهل الحي الحائط وهو منهار، حتى يسارعون برفعه في زمن وجيز، لدينا مقولة أو مثلٌ في السودان يحثّ على العمل الجماعي ونصّه يقول: (إيد على إيد تجدع بعيد)، وترجمة المثل بالفصحى تعني: (يد مع يد تفعل الكثير)، ولدينا مثلٌ آخر يشجب العمل الفردي ويقول: (اليد الواحدة ما بتصفّق)، وهذا واضح (اليد الواحدة لا تصفّق)، أي أن الفرد الواحد لا ينجز الكثير بعكس الجماعة.
فعلا" عادت النفير جميلة واتزكر ايام حش القمح اوالفول علي ضوء القمر يقوم كل اولاد الفريج بمساعدة بعض في حصد محصوله لكن اليوم شبه اختفت مع اختفاء ما يدعوا للنفير