هول الموت في الصحراء

سرحت هنادي بعيدآ وهي ترقب امواج الرمال الذهبية تنداح أمام ناظريها إلي حد الأفق ،
شعرت و أن شيئآ خفيآ يربطها بهذه الكثبان القاحلة لعله إحساس غريب من الحزن و الشوق و اللوعة -
إجترت ثلاثين عامآ إلي الوراء ذهبت بعيدآ بعيدآ الي أغوار الذكري المنسية
و قد طفرت منها دمعة حري سالت خفية فوق خدها الأسيل اليانع

كان البص السياحي(أفراس ) ينهب الأسفلت نهبآ وهو يتجه من الخرطوم إلي الغابة -
-الركاب من كل الأعمار-- نساء تغار من ثيابهن اللآلئ --
شباب في مقتبل العمر يحتلون المقاعد الخلفية ويبتهجون بفوز الهلال علي المريخ
ولكن المريخاب لا يستسلمون فقد شكوا من ظلم التحكيم و خشونة لاعبي الهلال و تعاطف الإتحاد العام معه -
صبايا فاتنات في المقاعد الأمامية يجذبن اطراف (الطرحة) لتغطية صدورهن الجامحة من أعين الشباب المتلصصة--
كبار السن منهمكون في تناول الوجبة الفاخرة التي تقدمها إدارة البص وهم يشكون من برودة التكييف --
نغمات الموبايل ترن بكل الألحان من سجمي نورا الي الطير المهاجر
البص يحاذي التمتام و تسمع إتصالآ هنا و هناك (أرجونا بالفطور نحن في التمتام و كلها ساعة بنكون معاكم ) -
-(يا بت أرمي الطعمية نحنا خلاص قربنا )--(يا ناس الكشتينة أحجزوا لي القيم الجايي )

و البص الفاخر يعدو في ثبات طاويآ المسافات طيآ و هنادي في عالمها الحزين
تكاد أن تسمع صوت خلجاتها و أنين زفراتها وهي تذكر ذلك اليوم المشؤوم
و منذ ثلاثين عامآ تحدر إليها شلال حزن مقيت كان خالد شابآ وسيمآ و ممتلآ حيوية و شبابآ
و لشدة وسامته و جميل صفاته تعلقت به قلوب فتيات الحي من أقصاه الي أقصاه
وكانت والدته تعرف مكانته و تخاف عليه أشد الخوف خصوصآ بعد أن أشعرتها إحدي (الوداعيات )
بأنها ستمر بإختبار قوي في إبنها خالد

(هنادي) تلك الصبية المفرهدة كأنها قطرة من الندي
كانت في صفاء البلور تتفجر انوثة و جمالآ و كان سحر عيونها لا يقاوم
فهي فتنة تمشي علي الأرض ولم يتمالك جارهم الكبير في السن نفسه
فتقدم لخطبتها و بالطبع قوبل طلبه بالرفض و التندر -
أصبح من المألوف أن تجد كل يوم إحدي الأمهات و هي تقطر إبنها المغترب
صوب دار أهل هنادي طالبين يدها الي إبنهم الوجيه المكتنز بريالات الخليج
و المحمل بالحقائب من التوب الساريه الي كرسي جابر


.
تم التعديل بواسطة محمد محجوب كيري

تعلق فلب هنادي اليافع بخالد المفتون أيضآ بها و نشأ ذلك الغرام الصامت ففي القرية كل لآهات مخنوقة فلا مجال للبوح بجميل المشاعر مهما إستعر أوار الهوي فكل صرخة مصب نهرها السكوت كانت تحمل بين جوانحها حبآ لايوصف يدغدغ إحساسها صوت خالد الحنون فتقفز كل ذرة من جسدها فرحآ وهيامآ و خالد ينقبض قلبه كلما عاد مغترب في إجازته السنوية خوفآ علي ليلاه فيهرع إليها يبادلها نظراته المستجدية الوالهة كأنما يجدد لها عهد الوفاء و تبادله ذات النظرات كأنما تبادله عهد الصمود و التحدي خصوصآ أمام تلك الضغوط الإجتماعية القاسية و التي صنعت من سلوي الأمية الجاهلة إحدي سيدات المجتمع بفضل كشكشة الأساور و لمعان الذهب فعندما عادت من إجازتها زارت أسرة هنادي لتقديم واجب عزاء
سلوي تدخل و هي تتهادي بتوب أب قجيجة الشديد اللمعان و تسبقها صلصلة الأساور و رائحة عطر فرنسي نفاذ وتحكم بإمعان ربطة التوب حتي تكاد ألا تتنفس في محاولة لإستعادة بعضآ من أنوثتها التي عفاها الزمن- تسلم علي الحضور ببرود مع إاستعارة بعض الكلمات الخليجية
سلوي-- يا هلا و غلا يعطيكم العافية
حاجة بتول المسكينة فهمت جزء من الكلام و الباقي طشاش و لكنها ردت وهي مبهورة بما تري و تتمتم في سرها - سمحة المقدرة- أريتو حالك يا هنادي بتي

جلست سلوي عند حافة السرير بدلال زائد و صارت تنتقد كل ما يقع تحت عينيها- من القسيبة اللي ما عاملة( ماتشنق) مع المزيرة إلي الساديب الألوانه مشاترة مرورآ بالمعلاق الما( صحي( و بينما هي تردح في هذه الحنكشة العجيبة يفلت فجأة ديكآ ضخمآ من القوقة التي لم يحكم قفل بابها جيدآ تصرخ سلوي بخوف مفتعل --ياي انا ما بشوف الدجاج (لاحظ و ليس الجداد) إلا مندي أو بروستد دا شنو التخلف دا
حاجة بتول --والقلتيهو دا إنا زاتي ماسكني ليهو يومين سوي لي الوجواج والحمي كان دايرة تكتلني
خرجت سلوي بعد أن قدمت فاصلآ مهاريآ عن حياة المغتربات مما جعل( التومة) تتمني أن تخلف رجلها و تتحدث عن سوق بني مالك و مولات دبي و سوق البطحاء و باب شريف و كورنيش الدوحة

حاجة بتول صارت تمني النفس بعريس لقطة لبنتها هنادي فهي تعلم أنها تمتلك درة نفيسة فمن يضارع إبنتها رقة و نعومة و جمالآ كل القلوب تهفو إليها و أشد ما يميزها جدلة شعر تتهادي فوق ظهرها اللادن صارت بتول كل يوم تضع قائمة طويلة من العرسان المغتربين الراغبين بشدة في إبنتها وتبدأ التصفيات من دور ال ٣٢ الي الي دوري الأربعة ثم نصف النهائى و هنادي تتفادي مطبات والدتها بحرفنة متناهية فلم يأتي ذكر خالد الكحيان حتي في الأدوار التمهيدية وقد كانت تعلم أن حبيبها خارج المنافسة تمامآ
و حاجة بتول تتوقف هنا و هناك وهي تستعرض القائمة
--هسع محمود ود الصافي دا مالو سمح القرش في إيدو -ولا عثمان ود ناس الطاهر جايب شيلتو إطناشر إطناشر أها يا بتي قلتي شنو
هنادي تقود هجمة مرتدة ;
يا أمي خالد أمس جاب ليك شوال الفول دا هدية
حاجة بتول تحتسب عليها حالة تسلل
-بس الداير فولو المسوس داك منو

هنادي تلعب دفاع منطقة كامل
والله أخير من العواليق الجايباهم ديل
حاجة بتول تحتسب ضربة جزاء لا وجود لها
الكحيان دا وينا قروشو مع الرجال
هنادي تحتسب الزمن بدل الضائع بدقيقتين
-انا ماشية أنوم خليت ليكم الحتة دي
حاجة بتول تشهر الكارت الأحمر
-غوري من وشى يا فقرية

بدون تعليق

وسام الابداع

صراحة كل الاوسمة الادبية لاتفيك حقك
واصل لا اسكت الله لك قلم

حاتم سعد سالم كتب:

خرجت سلوي بعد أن قدمت فاصلآ مهاريآ عن حياة المغتربات مما جعل( التومة) تتمني أن تخلف رجلها و تتحدث عن سوق بني مالك و مولات دبي و سوق البطحاء و باب شريف و كورنيش الدوحة

.

حاتم سعد سالم"تعلق فلب هنادي اليافع بخالد المفتون أيضآ بها و نشأ ذلك الغرام الصامت ففي القرية كل لآهات مخنوقة فلا مجال للبوح بجميل المشاعر مهما إستعر أوار الهوي فكل صرخة مصب نهرها السكوت كانت تحمل بين جوانحها حبآ لايوصف يدغدغ إحساسها صوت خالد الحنون فتقفز كل ذرة من جسدها فرحآ وهيامآ و خالد ينقبض قلبه كلما عاد مغترب في إجازته السنوية خوفآ علي ليلاه فيهرع إليها يبادلها نظراته المستجدية الوالهة كأنما يجدد لها عهد الوفاء و تبادله ذات النظرات كأنما تبادله عهد الصمود و التحدي خصوصآ أمام تلك الضغوط الإجتماعية القاسية و التي صنعت من سلوي الأمية الجاهلة إحدي سيدات المجتمع بفضل كشكشة الأساور و لمعان الذهب فعندما عادت من إجازتها زارت أسرة هنادي لتقديم واجب عزاء
سلوي تدخل و هي تتهادي بتوب أب قجيجة الشديد اللمعان و تسبقها صلصلة الأساور و رائحة عطر فرنسي نفاذ وتحكم بإمعان ربطة التوب حتي تكاد ألا تتنفس في محاولة لإستعادة بعضآ من أنوثتها التي عفاها الزمن- تسلم علي الحضور ببرود مع إاستعارة بعض الكلمات الخليجية
سلوي-- يا هلا و غلا يعطيكم العافية
حاجة بتول المسكينة فهمت جزء من الكلام و الباقي طشاش و لكنها ردت وهي مبهورة بما تري و تتمتم في سرها - سمحة المقدرة- أريتو حالك يا هنادي بتي

لأعزاء هادية --محمد كيري--جمال حسين -- مجدي -- زهير
لكم الود كيمان كيمان و الهوادة كمشة من المحبة و قيساب من التقدير و تليسة من العرفان
أسعدني مروركم دعونا جميعآ نخرج أجمل ما لدينا لنعطر منتدانا الجميل فهي دعوة لكل أصحاب المواهب و أظنهم كثر أن أتركوا الخوف و الكسل وأنثروا إبداعاتكم دررآ فعسي ربي أن يخرج من أصلابكم من يشار إليه بالبنان

كل ذلك جال بخاطر هنادي وهي في رحلة الغياب الي أعماق الذات ترتكز الي مقعدهاالوثير في البص الفاخر فتستكثر ذلك علي نفسها عندما تتذكر أن حبيبها خالد كان يجلس عند حافة صندوق البكس تحت حرارة الشمس الحارقة في رحلة الغياب الأبدي
ّثلاثون عامآ مرت وكأنها بالأمس القريب --أخذت هنادي تتأمل كل معالم الطريق--كثبانه وهضابه و منحدراته فخالد قد مر من هنا و طوي صفحة آمالها من هنا أيضآ تذكر ذلك اليوم جيدآ عندما دخلت عليها والدتها متهللة مستبشرة فهاهو عبد الكريم القادم من بلاد الكاش سليل الحسب و النسب يأتي طائعآ مختارآ ليطلب يدها باذلآ في سبيل ذلك مدخرات خمس سنوات من الدوام الصباحي و المسائي و قليل من بدل السكن و بعضآ من الأوفرتايم متملصآ من بنت عمه المجبور عليها من والده الذي توفي في عهد قريب فأشار عليه أصدقاؤه أن يلحق بهنادي طالما لا يريد أن يغطي قدحه
أسقط في يد هنادي فهذه المرة حاجة بتول ستدخل المباراة و معها عاملي الأرض و الجمهور فالعريس لقطة مال و حسب و نسب إذن ماذا تفعل هنادي في هذه المواجهة غير المتكافئة --هل تدعي الإصابة أم تشتري الحكام

هنادي و منذ الشوط الأول واجهت هجومآ شرسآ من حاجة بتول - تسديدات من خارج ال ١٨ غزو من الأطراف ون تو مع التومة لم تجد حتي فرصة لإلتقاط الأنفاس
هرعت هنادي الي خالد تخبره بالمصيبة و تطلب منه حلآ عاجلآ لتسوية الوضع
فها هي شجرة الحب الني سقياها بدمائهم و دموعهم توشك أن تموت
خالد يبشرها بأنه يعمل الآن في وظيفة محاسب بمكتب المديرية في دنقلا وبإمكانه الآن أن يتقدم لخطبتها حيث أن وضعه المالي مع شوية دفرة يمكن أن يفي بمتطلبات الزواج
كانت هنادي تعلم جيدآ تفكير والدتها رغم ذلك طلبت منه أن يأتي و يطلب يدها
جاء خالد وجلآ تسبقه الهواجس و المخاوف فكيف سيواجه لسان حاجة بتول السليط و كذلك غمزات و همزات التومة البايرة المفتونات بالمغتربين كيف سيكون حاله أمام سيل الطلبات المتوقع -- قولة خير -فتح الخشم -قولة بسم الله -خروف الحرارة- خاتم أم العروس -توب الحبوبة -شيلة الأكل حق المشاطة -الريحة -الدهب -الشيلة - الصبحية -سيرة البحر وووووووو

دخل خالد اليي البيت و تظاهرت هنادي بأنها تفاجأت به و قد زجرتها أمها --يا بت أمشي إترزعي جوة ---حاجة بتول بسلام من طرف الأصابع و برود متناهي--- إتفضل
لم يرتاح خالد إلي وجود التومة فقد كانت ما بتتبل الفولة في خشما
التومة في- ضربة أستباقية -- عبد الكريم عرسو قريب إن شاء الله عقبالك إنت كمان
حاجة بتول- تضع خارطة الطريق -- هو العرس دا ساهل كدة ما داير و داير و داير- الواحد أكان ما إغترب كدة خمسة سنين شن قدروا علي العرس
هنادي يغلي الدم في رأسها وهي تسمع كل المسجات والمسكولات الموجهة الي خالد نظرت إليه بإشفاق و حنان و أكبرت فيه صبره و تحمله من أجلها فلا أحد يحتمل لسان التومة الفاتية الذي يفلق الحجر و مما زاد الطين بلة دخول صالح بعشوم متخصص الإشاعات في البلد
إذن ماذا يفعل خالد و قد حاصرته الظروف من كل جانب - حاول أن ينسحب ولكن هنادي زجرته بعيونها الحلوة مستحثة له علي الصمود فتنحنح قليلآ و بلا مقدمات أو تذويق للكلام رماها ولا يخاف عقباها

أفاقت هنادي من سرحانها البعيد علي صوت بعض الركاب و هم يتأهبون للنزول في الدبة -- بللت شفاهها اليابسة بقليل من الماء - شعرت بالأسف الشديد وهي تتذكر كيف تهكمت أمها بخالد فخرج منكسرآ محرجآ
-- الله يرحمك يا أمي كنت مجتهدة أن تزوجيني من يعجبك لا من يعجبني --تبتسم في مرارة - و الآن لا هذا و لا ذاك
خرج خالد تطارده إشاعات صالح بعشوم بيت بيت حارة حارة زنقة زنقة و كيف قد تم رفضه من حاجة بتول وكل كواليس اللقاء نقلها بعشوم علي الهواء مباشرة عبر كل الترددات الرأسية و الأفقية
إنتحبت هنادي بحرارة و إحتضنت حبها و مشاعرها و إندست في عتمة الليل البهيم تناجي أطياف النجوم و تقسم في داخلها أن ستكمل المشوار وعلي ذات الطريق أقسم خالد أن يمضي مهما كان الثمن -إذن تعاهدا بلا ميعاد غير وعد ضرباه في فجاج الغيب-- وعد الأوفياء وتلاقي الإرادات

ذهب خالد إليى مكان عمله بدنقلا تاركآ خلفه كل البلد غارقة في قصته - ناداه مديره و طلب منه سرعة التوجه إلي الخرطوم لإحضار رواتب العاملين من الرئاسة هناك
قبل خالد بالمأمورية بلا تردد فهي فرصة لكي يعيد فيها توازنه النفسي و مراجعة حساباته المعقدة فما هي إلاو لحظات و كان كل شئ جاهزآ - العربة و السائق وحارس و مرافق و توجهوا صوب الخرطوم و بعد رحلة شاقة وصلوا الي هناك و إستلموا رواتب العاملين و إستعدوا للعودة الي دنقلا
العربة تغادر قوز أب ضلوع الوعر و هي تترنح يمنة و يسري ثم تغوص عجلاتها في الرمال - ينزل خالد و رفاقه يوضعون الصاجات لإنتشال العربة من الوحل يشعرون بالتعب و الجوع و يتوقف بقربهم واحدآ من لواري المحس فيقدمون لهم قراصة التمر( الصناعية )و يشربون الماء من القربة فيشعرون بالنشاط يدب في أوصالهم فيواصلون رحلتهم الشاقة
خالد- تحت لفح حرارة الشمس و قسوة الطريق و مرارة الظروف يرقب رهاب الأفق يترائي أمامه كسراب أحلامه ظل صامتآ كصمت القبور لا تسمع حوله غير وشوشات الريح و أصداء العتامير السحيقة

العربة تندفع الي جوف الصحراء المترامية كمحيط لا ساحل له
خالد يترقب ظهور أي أثر لإحدي القهاوي ليأخذ قسطآ من الراحة لكن الطريق لا زال يبدو بعيدآ فلا أثر لحياة أو عمران أو حتي آثار عربات أخري
النهار ينتصف و تميل الشمس إلي الزوال و الجميع يشعرون بالتعب
خالد يطلب من السائق التوقف لأداء صلاة العصر و تساوره الشكوك في أنهم ربما ضلوا الطريق فلم يشاء أن يضايق السائق بالإفصاح عن شكوكه هذه خصوصآ و أن هذا أكثر ما يضايق السائقين الذين يعتدون بمعرفتهم و بخبرتهم بمجاهل الصحراء
خالد -- ما قربنا للقبولاب
السائق -- شايف العلالي ديلاك منها و خلاص القبولاب
خالد -- ما ملاحظ إننا إتأخرنا شديد مفروض قبل ساعتين نكون خشيناها
السائق -- والله الخلا دا حافظنو زي جوع بطني دا ياخي خت الرحمن في قلبك و أدينا المهلة

هنا يتدخل المرافق عثمان موجهآ حديثه الي السائق
يا أحمد أخوي أنا لي ١٨ سنة بسافر بي الدرب دا أصلو يوم واحد ما جيت بي جاي إنت أكيد طاشي
وهنا تثور ثائرة أحمد محتجآ علي هذا الكلام الذي أصاب كبريائه المهني في مقتل
- إنتو قايلننا نحنا وليدات أها بعد نص ساعة أما دخلتكم القبولاب أنا السواقة دي بخليها
خالد -- البنزين المعاك دا فضل فيهو قدر شنو
السواق-- ياخي ما تخاف في زي جالونين و الباقي بنتموا من قدام
خالد -- و الموية
السائق -- ما فضل فيها شي لكن في القبولاب بنعبئ القربة
أيقن خالد بأنهم ضلوا الطريق رغم مكابرة السائق أحمد فلم يشاء أن يزعج مرافقيه بهذه الحقيقة المرة و ذات القناعة كانت تتعمق في ذهن عثمان المرافق المتمرس في السفر فأخفي كل واحد مخاوفه عن الآخر

مرت نصف الساعة و الساعتين و العربة تشق مجاهل الصحراء و الليل قدد أرخي سدوله و بدأ الظلام الدامس كبحر لجي فأتفق الجميع علي التوقف و المبيت فى إنتظار ما يسفر عنه الغد
وأنا أيضآ قررت التوقف عن الكتابة في إنتظار الجماعة يصحو فكونوا معنا يديكم العافية

لأ استقراب للسردالجميل الوهاج الجذاب,لأنه نابع من جب الادب وبيت العلم. يا اعضاء المنتدى الموقرين انه فارس مقوار اتٍ من تلك القلعة الخضراء حيث النيل و النخيل والانسان الاصيل ,يحمل بطياته الفكر والقلم والابداع
استميحك عذرا اخى حاتم بان ابيح لهم سرك, ربما يدركه القليل منا حاتم سعد كوكبة من المواهب اذا كتب قصة لجذب قلبك وعقلك معا حتى لا تدرى ما يدور حولك, واذا كتب شعرا وصف وابدع حتى تذاب مخيلتك بين سطوراشعاره, واذا عاشرته وفى واخلص, واذا مازحته وهو باب الفكاهة والنكته. وهو مقلد بارع خاصة فى شخصيات مرموقه من الحبيبه الغابه , يا ليت هناك برنامج صوتى لكى تستمتعوا اكثر بشخصيات قصة عمشيقه.
كم ناشدت حاتم بمواصلة كتابة الشعر والقصص المبدعه وهو يمتلك قدرات هائله فى الكتابه و التصوير الابداعى والمراوقه فى سرد الاحداث و اختياره لصفاء الكلم الضارب فى عمق اللغة و البلاغه.
السؤال :هل تلتمسون من قلم حاتم بان هنالك كاتب واديب نابع من تلك البقعة الذاخره بالشخصيات الفذه الا وهى الغابه.
هل تمدون له يد العون فى النقد البناء والتعليق الهادف؟

الأحباب الأعزاء
شكرآ جزيلآ علي ثنائكم العاطر فقد أخجلتم تواضعي
هنيئآ للغابة بكم أنتم لقد تأملت كلمات كل واحد منكم فكل كلمة كانت رواية و كل حرف كان ينبض بالجمال
دعوني أشد علي أياديكم فردآ فردآ كي أقول لكم إني أحبكم من الأعماق
وفي نفس الوقت أعتذر بشدة عن الأنقطاع القسري عن الكتابة في فائت الأيام فالركض بلا توقف كما هو الحال في بلاد العم سام هو عنوان الحياة هناك
آملآ أن أجد ولو فرجة صغيرة كي أتواصل معكم صباح مساء
دمتم عنوانآ للتفوق والإبداع

نواصل ,
مع أولي خيوط الفجر الوليد كان خالد أول المستيقظين وهو يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم إثر حلم لم يري فيه ما يسره -- صلي الفجر متيممآ فلا أثر لقطرة ماء - لم يمضي وقت طويل حتي تبعه الآخرون
المكان غريب كغربة الروح في ثنايا الغربة و الزمان كئيب لا تبتسم ثناياه و لا يفتر ثغره
إجتمع أربعتهم يتداولون أمرهم فالوقود لا يكفي مسيرة عشرة أميال و الماء قد نفذ تمامآ و الشمس فوق رؤوسهم كحمم الحديد وقد إنسد الأفق الرحيب و ضاقت الأرض بما رحبت وزلزلوا زلزالآ شديدا
أحمد موبخآ السائق -- أها خم و صر دا ياهو الخلا العارفو زي جوع بطنك
السائق يطأطئ راسه بلا نقاش و قد أدرك فداحة خطأه
يتدخل خالد لفض النقاش يا إخوانا الحصل حصل - هسع المخارجة كيف
عثمان -- أنا ما داير أطلع ال في بطني لكن الله يكضب الشينة
خالد-- طيب يا إخوانا إتجاه الشمس من هنا معناها نحنا كنا ماشيين لي غرب و ما مشينا شمال عشان كدة ما لاقتنا القبولاب

خالد يواصل أنا بفتكر إننا نتجه غربآ عسى و لعل نلقي لينا درب لواري ولا كشيقة عرب
عثمان --بنزين يوصلنا الكلام دا ما في كمان العربية دايرة ترس عشان الوحل
قرروا ألا يستسلموا مهما بلغ بهم اليأس فيا روح ما بعدك روح
إتجهت العربة غربآ في بحثهم اليائس عن بارقة أمل
عثمان يجلس واجمآ يتراءي أمامه هول الموت في الصحراء ويتذكر طفله الصغير وهو يجلس في حجره وضحكته الحلوة ترن في أسماعه
خالد يبدو متماسكآ و يعمل عقله بسرعة البرق لإنقاذ الموقف
السائق تنازل عن كبريائه و غروره و أصبح يمين يمين شمال شمال
اما الحارس فقد إنزوي وجلآ تغلي دواخله كالمرجل
وهنا بدأت العربة و يا لهول الموقف تتباطأ سرعتها مع بعض التقطع في سيرها في إشارة الي قرب نفاد الوقود ولم يمضي سوي وقت يسير حتي توقفت العربة تمامآ تحت وهج شمس الظهيرة الحارق و قد بلغ بهم العطش ما بلغ

هنادي في غرفتها تتذكر خالد فيغتم قلبها يروادها إحساس غريب ربما بالخوف مرة وأحيانآ بالقلق فتسرى في جسدها رعشة غريبة يقطع تأملاتها صوت بعض النسوة وقد جاءوا لزيارة أمها و فجأة تنتفض هنادي من هول ما تسمع
--بركة ال الله فكاكوم منو
--أتاريهو طلع موية من تحت تبن
-- الرواتب حقت الشغالين كلها لحسا و عييييييييك
-- الليلة ليهم إسبوعين من يوم ما إستلمو القروش و المدير إتصل بالرئاسة وناس الرئاسة قالو سلموهم المبلغ و الناس ديل إتحركوا من الوكت داك
يدخل صالح بعشوم -- الجماعة قالو شافوهم في ليبيا وخالد قالوا إتضارا منهم أنا من زمان عندي نظرة في الزول دا
--إنتا ما ليك خبر الدنيا قالو حايم في سوق الفاشر الواطة الفيها مشتريها الغنماية ال في مشتريها وكمان عرسو كان بي عبد القادر سالم

هنادي تقتحم المجلس و هي ترتدي( قنيلة شفافة) فتبدو أكثر أنوثة و سحرا فتتغامز النسوة إعجابآ بفتنتها
-- الرسول شوف ضميرا
-- كدي يا يمة-- قصبة و رقبة الصلاة علي النبي
أما صالح بعشوم فقد كان يبحلق في المناطق المحرمة منها متجاوزآ النظرة الأولي و الثانية و ربما العشرين و سرح متأملآ تضاريس هذا الجسد الجميل إلي أن أيقظته لكزات التومة( القتيدة )
يايمة حال التابا حتي العجايز الزمن دا بقي عندهم راي
يتدارك صالح بعشوم إسرافه في أمره فينسحب من المجلس مرغمآ وهو يتمتم خلسة -الشافعة ما شافعة نصاح
إستفسرت هنادي عما سمعت و النسوة يتبارين في اسرد المذهل
-- الزول دا بعد ما بتول طردتو عشان ما عندو حاجة قالو حلف إلا يبقي زي حاج عبد الحفيظ -وحاتك عدم المحلية نفاخ النار
هنادي تصرخ في وجه المرأة بعصبية -إنتو كذابين خالد ما بعمل كدة ولا بتاع سرقة خالد ما حرامي إنتو ناس حاقدين ثم ترتمي فوق السرير و تجهش بالبكاء

الساعة الآن تقترب من الرابعة عصر اليوم الثالث و شمس االصيف اللاهبة تسلخ جلود خالد و رفاقه - يستغيثون بآخر صوت لهم فلا يجيبهم سوي الصدي جفت حلوقهم من العطش و إنهارت قواهم و لا معين غير الله وسط بحر متلاطم من الرمال
خالد وسط كل هذا الهول يتذكر وجه هنادي الباسم فيعتلج بداخله نداء الهوى
كم ناديتني بفم عذب المناجاة رقيق
و يد تمتد نحوي كيد من خلال الموج مدت لغريق
فيزداد عنده بريق الأمل و تتجدد في عروقه دماء الحياة ولكن عندما ينظر حوله تتهاوي كل قلاع الأمل
يستيقظ فجأة علي صوت عثمان و هو يطلق صرخة مكتومة فيهرع اليه خالد ليري السائق احمد ممدا و قد جحظت عياناه وتسارعت أنفاسه
- ليس أسوأ علي قلب المرء أن يري إنسانآ يموت أمامك و لا تستطيع أن تقدم له شيئا
احمد ممددآ و قد إنطفأ بريق الحياة في عينيه و الجميع في ذهول يستحلبون مآقيهم لوداعه حتي و لو بقطرة دمع واحدة

تماسكت أياديهم كأنما كل واحد يتأسى بالآخر ووضع عثمان وجهه في كتف خالد و أجهش بالبكاء
ساد المكان صمت رهيب فلا تسمع غير صفير الريح تسافر في جوف المفازات الرهيبة و العيون المتعبة تتجول في فضاء الأفق تنتظر الفرج الغائب متمسكة بآخر خيوط الامل للخروج من هذه المحنة
عند منتصف الليل بدأ الحارس يئن بسوط متقطع بائس دنا منه خالد فسمعه وهو يتحدث بسوط خافت -- أولادي في ذمتكم-اعفو مني -أشهد ألا إله ألا الله و أشهد إن محمدآ رسول الله - ثم جحظت عيناه و علت وجهه إبتسامة غريبة كمن بشرته الملائكة برضوان الله
أصبح خالد متصالحآ مع الموت فظل متماسكآ جدآ بينما كان عثمان أكثر جزعآ و هو يتذكر أطفاله الصغار و زوجته و كيف يواجهون الحياة بدونه و هنا يزجره خالد بحزم -- لهم رب يحميهم - الله ما شق حنكآ ضيعه
تعاون خالد و عثمان علي إدخال الجثمانين داخل العربة حتي لا يكونا طعامآ للضواري و النسور الجارحة
مع بواكير الصباح كان خالد مع موعد جديد مع الحزن حيث بدأت أمارات الموت علي وجه عثمان و قبل أن يدخل في غيبوبة الموت وقف خالد بكل ثبات موجهآ حديثه لعثمان
ساعدني عشان براي ما بقدر أدخلك جوة العربية عشان تموت هناك مع إخوانك ديل ما تأكلك الصقور و أنا زاتي بخت راسي جنب كرعينكم بي هناك لامن نتلاقي في الجنة بإذن الله و ما هي إلا و لحظات و كان عثمان ممدآ بين أقرانه و كانت عيناه أكثر جحوظآ بشكل مخيف و دخل خالد الي داخل العربة و أغلق بابها عليه منتظرآ الأجل المحتوم فيا لهول الموت في الصحراء

نواصل

ا اخي حاتم والله موضوعك رووووووووووووعه وبالجد كدة سرحت مع موضوعك الجميل دا الله يديك العافيه ونشوف المزيد ولك التحيه ي

[

صراحة رواية هول الموت في الصحراء لا تقل اهمية من عمشيقة المطروشة والامكانيات الادبية فيها عالية جدا"

واصل اخي حاتم نحن واقفين نتاوق بالشباك خبر خالد والشمار كتلنا