اوردت في هذا المنتدى مقترحا بان نوثق لبعض الاحداث التى مرت على الغابة تحت مسمى (مواقف فى حياتنا) ... وبحمد الله قد وجدت الفكرة استحسان الذين مروا عليها ... وبالفعل بدأت الفكرة تنزل الي ارض الواقع من خلال مساهمات كتبت عن موضوع الفيضان باعتباره الحدث الابرز لابناء جيلنا الحالي... ولأنه كذلك فقد رأيت ان اخصص له هذه المساحة للمزيد من المساهمات ... باي اسلوب ولا يشترط الاسلوب الروائى لأننا بصدد توثيق لاحداث هامة ... تتطلب شهادتنا على العصر وهنا اورد لكم المساهمات التى تمت ... لتنطلق منها المساهمات الاخرى....
مساهمة الاخ الصادق ابوحسن
انا عايشت فيضانات 88 لحظة بلحظة
وسأحكي لكم تجربتي الخاصة منذ البداية والتي لا تتعارض مع الاحداث العامة بل تتقاطع بالتأكيد مع احداث في مناطق اخرى
منذ ان بدأنا في وقت مبكر نصطاد الاسماك من جوّ المريق الصيفي فقد قذف به البحر
علق الوالد رحمة الله عليه بقوله ( السنة دا الله يستر )
وما هو الا يومين ولقينا البحر في السد التحت من جنابية خمسة ولأول اشوفه هناك ومااااااشي في اليابس
عبثا حاولنا سد البحر في ترعة حمودي ولم يصمد الا دقائق وقلنا خلاص جنابية خمسة اخر المطاف وفي جنح الظلام كان السد تقند صغيييييير
مافي طريق تاني الا سبعة
بالفعل كانت جنابية سبعة التي تمر شرق جبرونا السد المنيع للبحر وتمر الليالي ليلة بعد ليلة ويوما بعد يوم انحن في السد
بيتنا شفته اخر مرة قبل اسبوعين واهلي شفتهم في نفس المدة
مرابطين ناكل من التمر البركاوي علق احد الاخوة (البركاوي كعب يجكّه وتتفة ) ونشرب من الدميرة المصفى بالاشجار
ونمر على السد ديدبان دفعة ماشة ودفعة جاية من اول خمسة بحلة ود ستنا لغاية الباجا
وآخر يوم بعد ان اقتنعنا اننا هزمنا البحر ونحن ننشد الاناشيد الحماسية التي هزّت كياننا رافعين المعاول وسعف النخيل
ولكن لم تكتمل الفرحة
جاءنا من يخبر ان البحر انكسر قبل البيارة المةية جايانا من فوق وكان ذلك حوالي الساعة 12 ظهرا
ولا أنسى اننا اصبنا بإجباط شديد
وكل واحد فكر كيف يمقذ نفسه واهله
اذكر ذهبت الى البيت وحملت على الحمار ما يمكن حمله متوجها الى الخلاء
رآني الشيخ عبد الرحيم عيسى رحمة الله عليه
قال لي ماشي وين يا الصادق يا ولدي
لما انت تساعد اهلك البساعد ناس بت زهرة ديل منو؟
سدوا البحر من الحلة كلها
والله لم التفت وراي ثاني
بنينا سدا بين قوز احمد منّ الله وجنابية تمانية بحيث لا ترى من في الجهة الثانية ونحن نسمع هدير المياه من جهة الجنوب
وبعد المغرب جاء السيل لم يصد ذلك السد ولو ثانية امام اندفاعه وأول ضحية كان بيت عبد القادر عبدون غرب الحلة واتجه شمالا عبد الرحيم عيسى وشيخ محمد والصادق الحسن ولم يتوقع هؤلاء ان يأتيهم الماء من الخلف لذا لم يخرجوا بشيء من ممتلكاتهم
وما ان تنفس الفجر حتى وجدنا البحر قد غطى حتى مقابر شيخ مروس وأصبحت جبرونا في جزيرة بين جنابية 7 وجنابية 8 والحواشات شمال الحلة
صمدت اربعة ايام ثم انهارت بصمت بعد مغرب اليوم الرابع
والله ما رأيت بكاءً قبل ذلك كما رأيته في تلك الليلة
فاستجاب الله دعاء الناس عندما كانوا يقولون
ان شاء الله الموصلات فلاليك - السمك ياكل من السبيط- البحر يمشي ان شاء عند ملاش
وملاش دا عربي كان يسكن في كشيكة فوق في الخلاء والبحر شق ترعة ووقف عند ملاش بالضبط
ملاش كان يقول بلهجته البدوية : ( يا ناس انتو مجانين ملاش شن عندو ؟ ياهو جميلو دي ؟ )
ثم بدأت رحلة المعاناة والاسكان والرواكيب والعشاء من بدري والرفاد في الخلاء الصباح تلقى نفسك مدفون بالتراب
وادبخانات مافي الناس تطلع من الليل الى الليل
والبهايم ساقوها الخلاء لبن مافي موية مافي طرمبة واحدة حقة قاسم ساتي ابو سقت الناس دي كلها
ونواصل
مساهمة الخال ابوبكر الشيخ
الأسيد بشير ود عمى صور لينا عيد الضحية فى البلد بطريقة شوقتنا ليهو شديد .. كان يقولينا والله لو ضقتو الشية ألت الجريييد تانى كلو سنة تعيدو فى البلد .. ويحكى لنا البرنامج الذى يبدأ بخروف عباس بابكر ثم يجوب الآكلون كل الحلة ألت السعداب ويطلعوا فوق مايخلو ليهم خروف .. وكأنى بالبحر قد حاكاهم واقتفى أثرهم عندما حان وقت الفيضان ....
تشويق الأسيد جعلنى أُصمم أن أعيد السنة دى فى البلد ، وكانت سنة تمنية وتمنين آى خلونى أكتبها كده (تمنية وتمنين) .. ونويت أحضر العيد وآخد أسبوع هناك ... ولكن مد البحرُ إلىَّ لسانه مستهزءاً ، وكأنه كان يقول لى - وهو مبتسماً - أسبوع!! ههه والله أكان رجعت بعد أسبوع أنا ما أبقى نهر النيل...
قفزة...
بدأ الفيضان .. مشينا أنا ويوسف سعد وسيف الدين مهدى وكامل بشير لناس عمتى نفرين فى حلة الكشكشاب .. عمتى قالت لينا : (الرسول تعالو أقعدو معانا هنا البحر ده السنة دى مااابخلى ليهو بيت بى تحت) الكلام ده كان بالعصر .. بالليل لمن رجعنا لقينا ليك عمتى نفرين قاعدة فى السعداب بى تحت وهى تبكى وتتحسر على حلة الكشكشاب فقد غمرتها المياه بعد أن إجتاح البحر بصورة مفاجئة جنابية ود زيادة ودخل النمر ففر أغلب الناس بجلدهم...
عبدالمجيد كيجاب حضر فى ذلك الزمن ومعه كاميرا وثَّق بها مواقف كثيرة من الفيضان .. وإلى جانب ذلك مارس مهنته المحببة ، وما أكثر ميادينها فى ذلك الحين!!
قلت إن البحر قد إجتاح جنابية ود زيادة من جهة ود دياب بصورة خاطفة ، وقد أحدث هذا الإجتياح مكاناً عميقا...إنتو نحن مش إتفقنا نكتب بالدارجى؟؟؟؟
يازوول فى عمال كانو شغالين مع صلاح مهدى محى الدين وهم ماشين عابرين جنابية ود زيادة غرقو فى الحتة الغريقة ديك .. كيجاب جا وغطس وطلعهم كلهم ، وساعدو فى ذلك عمار كيجاب ود أخوهو ويوسف سعد وحاتم سعد أولاد أختو..
اللذيذة بعد البحر شرد والناس بقت تقعد وتحكى طرايف كيجاب كان بحكى عن عملية الإنقاذ دى .. حاتم ويوسف وعمار قعدو جنبو وهو يحكى ومنتظرنو يقول ديل ساعدونى بارك الله فيهم .. وكلو مرة يعاينو ليهو ويعاينو للناس بقعر عينهم .. إلتفت كيجاب إليهم وهو يحكى عن مواقف بطولية له أثناء عملية الإنقاذ .. وقال وناس قريعتى راحت ديل يعملو كده ، وأمسك أنفه بيده يحاكى طريقة الغطس البدائية) فأحبط الثلاثة وضاقت عليهم الأرض بما رحبت..