اللوري .. ذلك العشق الكبير ..والذي هام بحبه السودانيون بمختلف مناطقهم وأجمعوا على ذلك .. وغنى له المعجبون والمتيمون .. وكم شاعر جادت قريحته في وصف وغزل اللوري .. وكم ناجاه العاتبون لفراق الحبيب .. وكم سبب الحسرات وزرفت الدمعات والسبب اللوري .
( يا اللوري تشيل منو .. تشيل بنات نوري تشيل منو) ( أموت أنا في الكباري ..تجيب خبري اللواري ) ( اللوري يا اللوري .. عليك الرسول بوري )
وأصدق ما قيل من شعر ما جادت به قريحة الأخ/ عبد الحي حسون في رثاء جعفر ابراهيم موسي ( جعفور ) يرحمه الله في الحادث المفجع
الخبر الحزين الليله جابوا اللوري **** بالدمع الغزير نبكيك يا جعفوري
عشق الناس اللوري لاسمه وهيئته وكوسيلة للسفر والترحال لندرة السفر في ذلك الزمان واشتياق الناس للسفر وارتباطه وجدانيا باللوري .. وكانت محبته مع اختلاف أنواعه وإشكاله في البداية السفنجة البريطانية الصنع ذات اللون الأزرق المعروف وتمسي ( الحنينة) والنيسان الياباني الصنع الغالب عليه اللون الأبيض ويسمي ( ابيض ضميرك) والهوستن والتيمس واخيرا ZY وكل هذه الأنواع لها ميزاتها ما يصلح في منطقة البطانة والجزيرة الطينية وجنوب كردفان لا يصلح في صحاري الشمال وجبال الشرق .. كما صنفها السودانيون وليس شركات الصنع وجاء التوزيع الجغرافي من قبل السودانيين .
كان صاحب اللوري له مكانه خاصة في المجتمع ويغبطونه لما حباه الله من نعمة وينظرون إليه بإعجاب .. أما السائق فكان يجد من الشهرة الكثير ولا يجاريه في ذلك سوي لاعبين الكرة والفنانين فهو على كل لسان يتعجبون لمقدرته الفائقة في قيادة اللوري في السفريات وتعدي العقبات الكبيرة فكانوا ينظرون إليه مثل كابتن الطائرة يسعون لتعرف عليه والتحدث معه والتحلق حوله لسماع حوادث الطرق ونغمات البوري .. فكان السائقين عند دخولهم القري يطلقون للبوري العنان بنغمات محببة للنفوس وللفت الأنظار بقدومهم والخروج لاستقبالهم.. فينزل سائق اللوري في كامل أناقته وجيوبه منتفخة والدفتر في الجيب الفوق والنظارات الشمسية السوداء والصديري .
وكما لكل زمان رجال .. أيضا انطبق ذلك على اللوري بعد التطور الذي حصل في البلاد وانتشار الطرق السريعة والتوسع في الأعمال التجارية ومتطلباتها من السرعة ونقل الكميات الكبيرة فكان لزاما على ذلك أن يفكر الناس في وسيلة اخري مجدية غير اللوري .. فظهرت البطاحات الكبيرة ذات المقطورة .. والديّنات الجامبو ذات الحمولة .. فبذلك فقد اللوري بريقه وانحسرت عنه الأضواء وخلت المواقف والمحطات من اللواري التي سيطرت على ساحة النقل في السودان ما يقارب خمس قرون . ولا شفعت له المحبة والعشق ولا نفعه الإعجاب وكان ضحية لطمع وجشع الانسان السوداني رغم ما قدمه من عمل جليل وما لاقاه من نصب وتعب في رمال فيافي الشمال والغرب الحارقة وأراضي الجزيزة الطينية الموحلة .. وتسلق جبال الشرق .. فكان كل ما وجده من عرفان للجميل نظرة وداع حانية ومشفقة لحاله ولسان حال الناس يهمس دوام الحال من المحال .
__________________
[img][/img]