لبيــك عثمان الشخ الاسيد ( حكاية زينب 11)

ستاره خضراء حجبت الرؤيا ... الصوت يتســـلل يحمل قســـمات وجهه بلا لبس عبر المايكرفون .. صارت الســتارة زجاجيه تفشي أن الاستاذ الكبير ( عبد الرحمن عــشي ) علي خشبة المســرح يتحدث الي الاستاذ ( النصري ) وبقــية المعلمات .... فإرتفـــع تصـفيق وهتـــاف تلقائي (عشي عشي عشي ) ( عشي عشي عشي ) ســارع " النصري " بإبهامه بستر الصـــوت بينما أحدث ( عشي) فرجـه اطـل منها مؤكدا صدق ما سربه الصوت من ملامح الى عيون الحاضرين ..عَظـُمَ الهـتاف والتصفيق( عشيييييييييييييييييييييييييييييييي) .... حياهم بإبتسامه تؤكد إستحقاقه تحيه خاصه... إبتســـامه يراها ويسمعها الطلاب عبر الستائر والجُـدر و الصمت والظلام ...! فى منازلهم مزارعهم فيبتسمون فتحسب أن بهم مـسٌ ... لكنها النفوس الطيبه تُسامرُك وتُسعدُك وهى بعيده فماذا وهى فى الفؤاد تقيم ؟؟! طلب بيـده ..الهدوء .. إمتثلوا ....شيئا فشيئا ... بينما "الشيخ " و "حاج النور" والمقدم " عوض النور" يجتازون الباب متجهين يتقدمهم احد الطلاب الي مقاعدهم في الصف الاول من الحضور الحضور لم يكتمل بل فاض ... لا يجرف ويدمر يثمر ويعمر فجوارح المدرسه فرحــه بأرواح وأبدان هبت بلهفه يســتدرجها هدف نبيل يكاد يمشي ضحى بين حواشات الغابه التي تضافر خصيب ارضها نمير مائها تغريد بُـلبـُلِها وعزم رجالها لإنتاج الخضره الحرير و الانسان العملاق المحتفى به ....
الحضور يجذبهم حدث إستثنائي لم تألفه الغابه من قـبل ..... تكريم شخص لا ينتمي لفئه رسميه أو رياضيه أو غيرها وتنتمي اليه كل الفئات ...!
إكسسوار زينه ضخم على معصمي وجيد المدرسة التى تتبرج وتتزين فى وقار وإحتشــام ... ملصقات لافتات عديده ترحب بالضيوف والمحتفى به كخضاب وكحل يزين أنامل وعيون المدرســه فتبدو غير مألوفه بكل هذا الزخم من التراث ...
سـعد نمر بصوته الجهور وقدميه وهو على ظهر حماره الفخم تلامسان الرمال متجها الى دكان أبنعوف عندما توقف يمعن النظر ويقول : ( هل أصــاب المدرسه خير ! ) . وعندما علم بما يجري قال الزينه لا تكفي ولكن بحضورها ستفيض ..!) تستقبلك فى المقدمه لافته ضخمه كُتبَ عليها :
( لا نودع زيــنب فهي باقيه وإن رحلت ...)
( الغابه لا تغيب ... !! ).
لكن ... الكل يـرغــب بلهفه في إبراز إمتنان عميق سكن الشغاف الحنايا بهدوء وعمق فتره فتجذر أورق أثمـــر فاح .
الجميع يجتهد ، يقترح ، يسعى ليكون نبيلا فيفكر كيف يتميز فيشــكر و يودع ويبكى .. فالرحيل مصيبه مقبله .. والوداع قاسى مُـوجِع لا يرغب فيه أحد عندما يكون الطرف الأخـر ( زيـنب ) !!...
ثلاث درجات من الناحيه الشرقيه أعجزت الحاجه ( رقيه ) فتقدم إثنان من الطلاب فصعدت بمعاونتهم .... النصري ومعلمتان أجلسوها في زاويه من المسرح وتحلقوا حولها قبل رفع الستاره ... تخلط الحــــديث بالقليل من الدموع والنشيج و الكثير من الشجن حتى صار من يبكي أكثر من ثلاثه . بينما تحول

الاستاذ "عشي" الي أذن وأنامل فقط تحسن الاستماع و الكتابه بإهتمام ... وفى بـِر أخبرها أن قصتها إكتملت حتى لا تـُرهَق وتـُسـتنزف فى فخ التكرار ... ردت فى همــــس عميق : ( قصتي لن تكتمل إن رحلت زينب ) . !! تناولت كوب الماء من إحدي المعلمات وشربت وهي ترتجف بينما كفها اليسرى مختبئه بين كفى معلمه تجلس بجوارها تحاول أن تمتص أكبر قدر من التوتر والحزن .... معلمه أخرى تقف خلفها ويديها على كتفي الحاجه ( رقيه ) تنحني بين الفينة والاخرى تقبل رأسها الذي لا تراه فعينيها محجوبتان بالقليل من الماء والكثير من الشجن ...
وعدها " عشي " بذكر قصتها ضمن البرنامج فشكرته وعادت لمكانها بمساعدة عدد أكبر ممن أعانوها على الصعود ...
رفعت الستاره ... صمت الجميع تقدم الاستاذ ( النصري ) وقدم الشــيخ ( طه المساعد )لتلاوة أيات من الذكر الحكيم ...
تحيه قصيره من أطفال الرياض بعنوان ( نحن أطفال الغابه نحب ماما زينب ) . وفور الانتهاء غادروا المسرح فى طابور إتجه حيث ( زينب ) التي عجزت عن النهوض لإستقبالهم كما كانت تهرع اليهم ... فهم تحت جناحها أبهى وأجمل فراشات تتناوب الوقار والطـــرب فوق بتلات ورده اُســطـُوريه . ورده لا تنتظــر فراشا يـُقبلُها ، تســعى إليه بحضن دافئ اينما ظفرت بهم فتسكب عليهم الكثير الغزير من رحيق الحنان الخالى من أبسط صور الملل والتذمر مهما ومهما ..!فكل طفل إبنها الوحيـد . لا تعاف مس او تقبيـل إى طفل مهما ومهما .. , تحتضنهم بحب عظيم بعضهم لا يجد اليسير منه حيث يجب أن يجد اللا نـهائي ..! حُبَهم يُســعدها كطفل نال أفضل مايريد !. الجميع هم الحسن وهى أم الجميع .. تعيش معهم مثلهم ببسـاطه شديدة التعقـيد لا يفك رموزها لبيب !.
اليوم صاروا أقوى منها وهي الطفله التي لم تبلغ العام ولا تقوى علي السير .. تساقطوا فوقها في فرح أبكى الجميع ... لم تنحنى لطوق الزهور لأنهم صعدوا علي حجرها و ألبســوها فألبستهم أطواقا من القـُبل لم تكن الاولى ... تدعو فى سرها أن لا تكون الاخيره..قـُدِمَت فقرات فيها الكثير من الغرائب كانت ( زينب ) تلتفت مستنكره تقول عن من يتحدثون هذه ليست أنا ....!!

والزمن يسرق الحضور رغم محاولات اللجنه الالتزام بالبرنامج المعد ... صعد ( عشى ) المنصه كفقره قبل الاخيره بينما مجموعه مختاره من روابط الطلاب تقف خلفه فى تشكيل متحفز للمشاركه ... شكر الحضور عموما ثم سمى وخصص الشكر لعدد منهم لم تكن زينب تعلم أنهم حضور ,,,] قال " عشي" : " الحضور الكريم يسعدني أن أقف أمامكم إستجابة لطلب أبنائنا في إتحاد روابط طلاب أبناء الغابه في محاوله متواضعه تطمح أن تبلغ ما تريد من مســــتوى الشــــكر والعرفان لمن أختاروا لها الليله عنوان ( أمنا أم الحسن ) فرغم أنها تصغرنا بعشرات السنين إلا أنها تستحق حقا من التبجيل والتوقير قدر الام ... ( تصفيق وهتاف يجعل زينب تنكفئ على وجهها ) فرغم أنها لم تنتمي رسميا للتعليم إلا أنها كانت تحمل من همومه ما لم يحمله كل الجهاز الرسمي .. حقيقة لقد وهبها الله عز وجل قدره غريبه على تلمس مسارات آمنــه في نفس وروح الطلاب اللذين نعجز رغم محاولات جباره للحفاظ عليهم ودفعهم الى الامام ويصبحون على قاب قوسين او أدنى لهجر التعليم فإذا بهم من المبرزين الناهلين من العلم والادب والولاء ما يجعلها فى تقديري الشخصي هبه ونعمه أسبغها الله عز وجل على هذا الجيل ويسعدني أن أعلن موافقة مجالس الاباء ومكتب التعليم ومدراء المدارس علي طــلب إتحاد روابط الطلاب والتنفيذ فورا علي إطلاق إسم ( زينب النور ) علي أحد الفصول في كافة مدارس الغابه بنات وإسم ( الحسن ) بمدارس البنين فربما نرد لها بعض الدين وإن كانت ترفض إي شكر او إشاره لما تقدم فى صمت وإخلاص وحب حقيقي وإن كنا نعجز عن سرد مواقفها التي ترفض الخوض فيها إحتراما لرغبتها فإننا نقول أن قلبها وطن يسع اوطان وأنها سوف تكون سفير وعلم للغابه يرفرف أينما حلت ولكن أجد نفسي مضطرا وحسب طلب وإصرار الوالده ( رقيه معروف ) التي صعدت المسرح وتصر على سـرد قصتها التي قمت بتلخيصها فهى طويلة طويلة المحكى وأطول مغزى ... ونستأذنها فإن الله يطلب من عباده أن تنفق سرا وعلانيه لأن في الإعلان أجر لحكمه تحفيز ودفع الاخرين لاعمال الخير ....كما فى السريه حكمه لا تخفى علي أحد ..... والاهم أن المتلقي هو من يصر علي هتك سريه العطاء وفي ذلك قدر من الشجاعه والوفاء والحمد والشكر والثقه في الذات فيهمس لنا أن العطاء كان ممن يملك وقدر لمن يســـتحق ويشكر ...! وذلك لا يقدح في أجر المعطي شــيئ ... مازال الاستاذ (عشي)يقلب الورقة التى بين يديه أكثر من مره ثم تنحنح وأطرق قليلا وبدأ يقراء :
{ ( رقيه النذير محمد صالح ) المعروفه بــ ( رقيه معروف ) من بنات جزيرة بدين تزوجت إبن الغابه المرحوم ( معروف ود الشايقى ) أنجبت ( بكري ) و بدريه وبدر الدين .... قدر الله أن يصاب ( بكري ) بمرض السحائي فى نهاية المرحلة الابتدائيه ويصاب بصمم فهجر المدرسه وعمل مع والده وجده فى الزراعه ثم توفي والده وبعد 6 أشهر توفي الجد عليهم جميعا الرحمة والمغفره وتم تقسيم الارض ولم نرث بالطبع شئ .. وبعد عامين من الوفاه قررتُ العوده و أبنائي الي ( بدين ) عسى ولعل ... ولكن كان ذلك قبل عشر سنه عندما رُوعنا ليلا بطارق ... وفتحنا الباب وذهب روعنا وبقيت روعة الطارقت ظلنا حتى يومنا هذا .. الطارق يحمل عقد بيع وشهادة بحث لـ 7 أفدنه محازيه للحفير التحت البائع ( زينب النور ) والمشتري (رقيه النذير محمد صالح ) والثمن مقبوض بالكامل وعندما رفضنا قالت أنها قامت بالتسجيل في السجلات فى مروي وهذه شهادة بحث وإن شئنا وسهل الله أن ندفع كلما كان لدينا وفرا ... ولكن كلما قمت بسداد جزء مما نستطيع توفيره كانت بعد ايام قليله تحضر الينا ومعها من الهدايا ما هو أكثر من القسط المدفوع لها لقد أكرمنا الله بها وبفضل ذاك العمل ســارع العديد من الاهل الي مساعدتنا فتجمع لبكري راس مال كبير وأصبح له دخل كافى عشنا منه وتزوج وإبنته الاولى ( زينب بكري معروف ) شاركت فى نشيد الرياض الذى قدم بعنوان ( نحن أطفال الغابه نحب ماما زينب ) فى بداية ليلتنا هذه .. نحن نعلم أن إبنتنا ( زينب النور ) لا تحب هذه الحكايات ولكنني مضطر أمام إلحاح الوالده رقيه ربنا يديها الصحه والعافيه وأرجو أن لا أكون قد أخللت بالتفاصيل نتيجة تلخيص القصه كما سمعتها .. صمت أعقبه همهمات تنفيس هنا وهناك ... ثم صمت عندما قدم " عشى " طلب اللجنه من المحتفى بها تقديم كلمه للحضور كختام للبرنامج ...المقدم ( عوض النور )جالس يسمع ويفكر فى صمت صاخب يزعجه وحده ويتسائل : هل بقى من قلبها شئ لرعاية اسره ... أم أن القلب الذى يسع كلالناس فيه زوايا خاصه تفى بحقوق احق أن ترعى وتصان ... ؟

أيهما أولى بالرعايه الأُسـره أم الغير !!؟ . طلاقها السابق لعدم ترتيب اولوياتها ... !؟
إعجابه بسيرتها الاجتماعيه ألن تشفع لها إن كانت خصما على الاسره .!؟
أم أن فى القلب متسع وفى الوقت متسع للجميع ..؟!
هل فرحة إبنته ( ســـلمى ) بزينب وحبها لها عزاء ؟
!هل من الحب ما هو غير مرغوب فيه ... ؟! هل تَسرعَ ...!!؟
الاهم هل من ســـبيل الى الوراء ....؟؟]
هتاف عنيف يقطع حبل أفكاره ليراقب خطواتها بمعية معلمتين حتى منصة المتحدثين أمام المايكرفون ... إطراقه طويله تأخذ أثنائها معلمه المايكرفون وتطلب من الحضور الهدوء فقد حضرنا لنستمع ونرجو من الاستاذه( زينب النور)تقديم كلمتها كما ننوه إلى أن الشيخ ســوف يقدم هدية للذكرى من اللجنه المحتفيه للمحتفى بها من خالص وصادق الحب والعرفان والشكرا ...
تقف زينب وترفع يدها تحى وتنحنى طويلا للحضور الذى أغرقها بمديح تستحقه وأغرقته بتواضع وادب وصفته( أمنة جيد ) حين قالت : " تعرفى يا ( زينب يا بتي ) ... كلما نفتكر ونشتهى شيتن سمح فى البنوت المتلك نلقى عندك الاسمح منو ..)يتسرب صوتها بهدوء :
بسم الله الرحمن الر حيم
الســـلام عليكم ورحمه الله وبركاته ,,
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله خير و خاتم الانبياء والمرسلين خير أب خير زوج خير مخلوق أبدا وسرمدا ...
آبائي أمهاتي إخواني أخواتي أبنائي وبناتي الأعزاء الغابه عزيزة بكم وأنتم بها أعز ....
الحاضر والغائب لكم جميعا شكري إمتناني إعتذاري علي ما تكبدتم من عناء من أجلي ... أشكر كل من سعى لهذا الجمع وكما قلت ســابقا ماذا قدمت( زينب ) للغابه لتُكرم .. نعم الغابــــه أحببناها جميعا ولكن ليس بقدر حبها لنا ونعزها جميعا وليس بقدر معزتها لنا ... منحتنا الامان والعز وأهل من الاخيار ... والحمد لله الذى وهبنى كل هذا الحب الذى حملكم للحضور الى هنا من أجلى ولكن ليس هذا مقام وداع بل مقام عهد وميثاق ... فإن غبتُ بجـــسدى بعض الوقت فلن أغيب بروحى أبدا . أنا أحدى هذه النخلات وبعض رائحة المسكيت والبرسيم واللوبيا ونغمات ترسلها القمارى صباحا وعند الغروب وقفزات أم قيردون الرشيقه لتنتقى من سبائط الرطب ما تشــتهي الساقيه الدونكي البياره القرز أبقسي الحله التحت .. السوق التحت .. الحفير التحت .. حلة السيد جامع حاج بلولو المناصره صالحين الشرق جبرونه أبعكاز ... و كل حسن وكل خيرا فى الغابه قبسا منه أنا .. والبقية أنتم ... همهمات وتصفيق متصل كان العنصر النسائي اقوي وأكثر عزيمه حتى جلست لا تصدق أن كل هذا الخبء الطيب لها وحدها ...!!!!
نهضت لتواصل قائلة : لكم جميعا حبى وودى فالذى بينى وبينكم لن ينتهى أبدا وليغفر لي كل من أرهقه الحضور أو الانتظـــار . وإستجابة لأبنائي وبناتي الاعـــزاء أتناجى و إياكم مناجاة خير بهذه السطور المستوحاه من عنوانكم عن الام
بعنوان : (من أم الحســــن .. إلي أم أم الحســــن )

لا تعليق واصل

محمد ميرغني عبدالرحمن كتب:: لا تعليق واصل

الخال شكرا على الاهتمام والتعليق ( لا تعليق واصل ) هو تعليق بليغ جدا

ومداخلاتك من صلة الارحام تؤجر عليها تحياتى الى أرض الجزيره ومن فيها والاسره الكريمه

راجع الرسائل الخاصه

مجدي عبدالله عاصي القيد كتب:

مجدى عاصى القيد ســلام ....

بارك الله فى الجميع ننتظر ابداعات وروائع لالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالا تبخل علينا

راجع الرسائل الخاصه

» لبيــك عثمان الشخ الاسيد/ الفصل الرابـــــــــــع
» لبيـك عثمان الشخ الاسيد ( الحكايه / الفصل الاول)
» لبيك عثمان الشيخ الاسيد ( الحكايه/ السادس )
» عثمان الشيخ الاسيد يتربع على الكرسى
» لبيك عثمان الشيخ الاسيد ( الحكايه/ الثامن )