من أعلام مدينة الغابة
سليل أسرة سوارالذهب. ولد في الأبيض عام 1843م, و نشأ هناك. حفظ القرآن و تعلم أصول الفقه في خلوة جده. عند قيام الثورة المهدية ضد الحكم التركي, إنضم إلي جيش المهدية, و عين قائداً لسرية دنقلا التي شاركت في معركة شيكان و التي أبيد فيها الجيش الغازي , بما فيه القائد الإنجليزي هكس باشا. شاركت هذه السرية بقيادة الأمير/ ميرغني سوارالذهب كذلك في حصار و فتح الأبيض, ثم إتجهت مع جيش المهدية إلي أم درمان, حيث عسكرت فيها, و صارت البقعة هي عاصمة الدولة المهدية. شاركت سرية دنقلا في حصار الخرطوم, و هاجمت قصر الحاكم العام. و يروي أن سرية دنقلا هي التي قتلت غوردون باشا, الحاكم العام للسودان. و يروي أن من قتله , رجل يدعي مرسال, كان يحمل (بيرق) أي راية الخليفة ميرغني. و يقول الدكتور/ بابكر علي بدري , محقق كتاب ( حياتي) لمؤلفه الشيخ/ بابكر بدري, أن مرسال هذا إختفي عن عيون الناس, لما سمع أن المهدي غضب لمقتل غوردون باشا,إذ كان ينوي مبادلته مع القائد المصري أحمد عرابي و فديته من الأسر. و يروي المحقق, أن مرسال هذا, ظل مختفياً و لم يظهر إلا يوم كرري, حيث شارك في معركة كرري و قتل فيها.
شارك الأمير/ ميرغني سوار الذهب في الجيش الذي أرسل إلي مصر بقيادة عبدالرحمن النجومي. و قد دارت المعركة في توشكي,جنوب مصر, بين جيش ودالنجومي و بين الجيش التركي, في يوم 3 أغسطس من عام 1889م. و لكن إنهزم جيش المهدية بسبب ضعف عتاده العسكري و نقص الطعام , و بسبب ضعف معنويات هذا الجيش نتيجة لطول الرحلة و تعرضه للهجوم و المناوشات التي أضعفت قوته. و كانت نتيجة المعركة, مقتل عبدالرحمن النجومي, قائد الجيش و أسر أفراد الجيش لمدة من الزمن, تم إطلاق سراحهم بعد إنتهاء عملية إسترداد السودان و هزيمة المهدية, فعادوا إلي السودان.
في طريق عودته, و لدي وصوله إلي الغابة, تم تكليفه بخلافة الأسرة, و من ثم إستقر الخليفة/ ميرغني سوار الذهب في الغابة حتي وفاته.
يؤثر عن الخليفة/ ميرغني سوارالذهب, أنه كان رجلاً واعياً و يتمتع بقدرات قيادية عالية. و قد لعب دوراً فاعلاً في قيام مشروع الغابة الزراعي الذي أنشئي في عام 1917م, أي في عهد الإنجليز. و يروي أن أهل البلد عارضوا فكرة هذا المشروع في بداية الأمر, لتخوفهم من تكرار التجربة التي عاشها آباءهم في عهد التركية و في أواخر عهد المهدية, إذ عانوا من الظلم و من الفساد في جباية الضرائب, الأمر الذي دفع بعضهم إلي الهجرة إلي جهات أخري في داخل السودان. لقد عمل الخليفة/ ميرغني علي إقناع الأهلين بضرورة قيام المشروع و الفوائد التي ستنجم عنه. و فعلاً أحدث هذا المشروع تحولاً جذرياً في حياة مواطني الغابة, إذ تطور إسلوب الري من الإسلوب التقليدي , أي إستخدام الساقية التي تدار بالبقر, إلي إستخدام الوسيلة الحديثة, و إرتفع نتيجة لهذا مستوي دخل المزارع ونعم بالإستقرار, بعد المجاعات التي كانت تهدد السكان كما حدث في عام 1889م, و التي سميت بمجاعة ( سنة ستة) أي الموافق لعام 1306هـ , و التي يضرب بها المثل في قدم الشئي, فيقولون ( دة حاضر سنة ستة), و مثلما حدث في عام 1914م , و يروي أن الحكومة إستوردت الذرة من الهند لإنقاذ حياة الأهلين في تلك السنة. و من الطرائف التي تروي عن قيام هذا المشروع, أن بعض الناس و عندما سمعوا صوت الوابورات لأول مرة, إنزعجوا و إعتقدوا أن بوابير جيش الكفر في طريقها إلي الحرب مرة أخري, فلاذ بعضهم بالفرار.
سافر الخليفة/ ميرغي سوارالذهب ضمن وفد الإعيان الذي سافر إلي بريطانيا برئاسة السيد/ عبدالرحمن المهدي في عام 1919م, لتهنئة الملك جورج الخامس , ملك بريطانيا بمناسبة إنتصار بريطانيا في الحرب العالمية الأولي التي دارت في الفترة ( 1914- 1918م).
له من الأبناء, محمد البشير و جعفر, ماتا و هما صغيرين, ثم الأبناء الذين تعاقبوا علي خلافة الأسرة من بعده, و هم : الخليفة/ محمد الحسن و الخليفة/ محمد الأمين, والد المرحوم الأستاذ/ عبدالله محمد الأمين, و الخليفة/ محمد زيادة و الخليفة/ محمد عثمان, الشهير بالأستاذ, ثم الأستاذ/ عبدالله ميرغني. وله ستة بنات.
ينسب إليه كوبري سيد الحوش ( سيد الحوش ود آمنة) حيث سكن في هذا الحوش, و يسميه البعض ( كوبري الفكي ميرغني). توفي الخليفة ميرغني في عام 1923م, و دفن في مقابر الأسرة في دنقلا العجوز. و يروي أن يوم وفاته, كان يوماً مهيباً, و خلفه إبنه الخليفة/ محمد الحسن, الذي توفي في شبابه في عام 1939 م و خلف بنتاً واحدة. و يوم يكتب تاريخ منطقة الغابة, سيقف الخليفة/ ميرغني علي رأس أعلام هذه المنطقة , و ستخلد سيرته.