منقول /للأستاذة منى سلمان
من مأثورات أمي التي كانت تلقيها على مسامعنا في ساعات السمر الليلي قبل النوم:
* تعودت (فطين) على التباهي بمحبة زوجها الشديدة لها، وأنّه كان يغمرها حمداً وثناءً بالنهار ويمطرها حباً وعشقاً في المساء، فترد عليها جارتها (اللقية) بأن زوجها المحب إنما (يغني حرصاً على بطنه)، فلقد اشتهرت (فطين) باليد الطاعمة والأكل الذي تؤكل وراءه الأصابع.. ولتبرهن الجارة وجهة نظرها طلبت من (فطين) أن تمتنع عن تجهيز الطعام لزوجها لترى ردة فعله، فوافقتها صاحبتنا على الخُطة مع بعض التعديلات، فَقد قَامت مبكرة وطبخت أحب الوجبات إلى زوجها، ثُمّ أخفت (الحلة) وأزالت آثار النار، ثم تجمّلت وتزيّنت كأبهى ما تكون وقامت بالإكثار من وضع الكحل على عينيها ثم تمدّدت في شبه إتكائه جمعت بين الدلال والتظاهر بالإعياء عندما سمعت خطواته تقترب من باب المنزل..
دخل عليها وحيّاها في ودٍ، ثم طلب منها أن تسرع لإعداد الغداء (لأنو ميت من الجوع)، فأخبرته بشئٍ من الدلال بأنّها كانت متوعكة ولم تستطع أن تطبخ..
أحس الزوج بالضيق خاصة وهو لم يلحظ أيّ مظاهر للإعياء على (فطين) فانتهرها:
عيّانة كيف يعني؟!! ما تراكي ممسحة ومكحلة.. مالية لي عيونك بالكحل زي طاقات التكل!! (طاقات التكل للجاهلين بها هي شبابيك المطبخ وتمتلئ بالهباب الأسود نتيجة لاستخدام نار الحطب في الطبخ قديماً)..
قاومت (فطين) إحباطها وقَامت بعد أن زاد عليها اللوم والتقريع، فأخرجت (الحلّة) من مخبأها وجَهّزت الصينية ثم حملتها إليه..
تناول الطعام في نهمٍ وقد خَالجه شئ من الحرج بسبب (الحتة الضيّقة الحشر نفسو فيها) وبعد أنْ غسل يديه صبّت له الشاي في صمتٍ، فاتكأ على جنبه وبدأ في ارتشافه بتلذذ ثم قال لها متودداً:
عارفة بقرة عمك (عرمان) ولدت وجابت ليها عجل حليو وعيونو مكحلة متل عيونك الحلوات ديل !!
فنظرت إليه في غضب ولسان حالها يقول: لا بالله!!
* استلقى (النور) بعد عودته من (الزراعة) منهكاً في انتظار الفطور الذي تعده له زوجته (ست البنات)، وفي قرارة نفسه كان يرغب في أن يكيل لها اللوم بسبب عدم براعتها في الطبخ، فعَلَى الرغم من مهارتها إلاّ أنّه تعود على أن يكثر من الكلام (والتنظير) في الأكل.. وما أن وضعت صينية الغداء أمامه حتى قال:
دا شنو يا وليه؟.. هسي دا أكل دا؟ على اليمين خالد جارنا دا يوم مشيت وديت معاه أمو للدكتور حلف عليّ إلا آكل معاهم الفطور.. النخيل مرتو جابت لينا ملاح طاعم وسمح سماحة شديدة..
طنطنت (ست البنات) بكلام غير مفهوم، وذهبت إلى المطبخ بعد أن تعكّرت بكلام (النور) وتخرّب مزاجها.. فأقسمت على أن تجبره على الاعتراف بإجادتها للطبخ..
في اليوم الثاني وبعد خروجه للزراعة، طبخت (ست البنات) ملاح (النعيمية)، ثم رفعته من فوق الحائط إلى جارتها (النخيل)، واتفقت معها على خطة وهي أن تنادي (ست البنات) على جارتها وتقول لها:
عليك الله أدّينا من ملاحك عشان الليلة ما عاملين فطور..
فتعطيها (النخيل) من نفس طبختها..
عاد (النور) من الزراعة وكالعادة استلقى في انتظار الفطور لكن (ست البنات) اعتذرت وقالت له:
بس واللّه الليلة ما عملت ملاح أصلي تعبت شوية.. عشان كدا بجيب ليك ملاح من جيرانا ناس (النخيل)..
فقال بغضب:
سمح جيبي لينا منهم.. أصلو إنتي ما بتعرفي ولا حاجة.. شوفي وأكلي معاي ملاح النخيل دا واتعلمي الطبيخ للزمن!!
نادت (ست البنات) على جارتها (النخيل) بي فوق الحيطة:
أديني منك ملاح للراجل دا.. أصلو الليلة ما عملت ملاح كنت تعبانة.
فقالت (النخيل) حسب الاتفاق: على حظك الليلة عاملين ملاح (نعيمية)!!
جلس (النور) يأكل حتى (خرت) الصحن، ثم قام بلحس أصابعه، فسألته (ست البنات): ملاح سمح.. مش؟
أجابها: أي عندك كلام.. شفتي الطبيخ كيف؟ أصلك إنتي لا بتتعلمي ولا حاجة!!
فقالت: والله الملاح دا حقي.. أنا عملتو براي قبيل ورفعتو بي فوق الحيطة، عشان أشوفك أنت بس داير النقة معاي واللاّ أنا صحي ما بعرف!!
فقال بسرعة: (عشان كدا!! أنا من قبيل أقول الملاح دا فيهو طعم ماآآآ اياهو)..!!
والله الموضوع عجنى وحبيت اشاركم ععاى سااااااااااااااااااااااااااى....