=orange]]سُمعة الجامعات السودانية وصلت (الحضيض)، والإنحدار الأخلاقي في مؤسسات التعليم العالي بات عنواناً بارزاً يزاحم مانشيتات السياسة والحوادث، والأخبار التي ترشح من (جامعاتنا) باتت لا تَتَحَدّث بالخير ولا تحتفي بالتميز الأكاديمي ولا عمق التحصيل الثقافي، ولكنها تطرق بعنف على مآسٍ اجتماعية دخلت حياتنا السودانية من أطهر البوابات، (الجامعات) التي يدخرها الوطن لنهضته وبناء عزته - فإذا هي تتحوّل بفعل شيطان التجارة والرهان على الكم وإهمال الكيف - إلى خطر اجتماعي داهم ينذر بتدمير مستقبل السودان.
واقع بعض الجامعات لا يُبشِّر بخير، ولا ينتج إلاّ النكسات والخيبات بعد أن تسيدتها عصابات المخدرات وأوراق الزواج المضروبة ومقاطع الأفلام الإباحية التي تزحم أثير القاعات بتقنيات «البلوتوث» التي لا ترحم.. الجامعات سَادتي تَحَوّلت في السودان إلى مواقع لتسويق الفواحش ما ظَهَرَ منها وما بَطَن..!
الغريب أنّه وعلى الرغم من نواقيس الخطر التي تقرع هنا وهناك، إلاّ أنّ الجهات الرسمية لم تُحرِّك ساكناً بعد، فخطورة التقارير الموجودة عن تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات لم تدفع المسؤولين بعد إلى تبني دراسات ولا إشاعة إستراتيجيات ولا فتح تحقيقات تَتَوصّل إلى الأيدي الخفية التي تحاول تدمير عقول السودان..!
الأدهى والأمر أنّ مديري الجامعات استشعروا الآن فقط خطورة الوضع الذي ظل الجميع ينبهون إليه منذ أمدٍ طويل، وطفقوا يتحدّثون عن تأزم الوضع الذي تجاوز هذه المرحلة ودخل في اللحم الحي..!
ورشة عمل نَظّمتها لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بالبرلمان الأحد الماضي بالتنسيق مع الصندوق القومي لرعاية الطلاب، كَشَفَت عن وجود إحصائيات وصفتها بـ (المخيفة) عن تعاطي المخدرات في الجامعات وتفشي ظواهر الإنحلال الأخلاقي والزواج العُرفي وتبادل الصور والأفلام الفاضحة وسط الطلاب، البرلمان اكتفى بالتوصية - كتِّر خيرو- بإجراء دراسات علمية حول الظواهر السالبة، وإعادة النظر في مهام عمادات الطلاب وتعديل لائحة سلوك ومُحاسبة الطلاب وتطبيقها دون تهاونٍ..!
أخطر الإفادات التي تناولتها الورشة وكشفت هشاشة واقعنا التعليمي والمؤسسي كانت تقول إن مُروِّجي المخدرات يسجلون في الجامعات كطلاب - ولا أكاد أتخيل أن يختلط الحابل بالنابل في جامعات السودان للحد الذي يصعب فيه التفريق بين الطالب ومُروِّج المخدرات لا عبر المظهر ولا المخبر ولا حتى إجراءات الرقابة الداخلية - هذا ما أشار إليه مدير جامعة السودان الذي فجعنا مرة أخرى بالتأكيد إلى أن مُؤسّسته توقف ما بين (5) الى (7) طلاب متعاطين للمخدرات أسبوعياً - يا للهول - ترى ما هي المشكلة وأين هو الدور الذي يفترض أن يلعبه صندوق دعم الطلاب في هذا الصدد، خُصوصاً وأنّ واحدةً من تحفظات الورشة كانت سياسَة إيجار المنازل التي يتبعها الصندوق التي يرى مدير جامعة السودان أنها أسْهمت في زيادة تعاطي الطلاب للمخدرات..!
أحد مديري الجامعات، أشار إلى أنّ هنالك إستراتيجية لتدمير عقول طلاب الجامعات وذهب في هذا الصدد للقول إن هنالك جهات توزع المخدرات بالمجان.. وهذه كارثة تقتضي فتح تحقيق من أعلى المستويات، لأنّ البيئة الجامعية جزء أساسي من تحصين الأمن القومي لكل شعوب الدنيا..!
الزواج العُرفي احتل مساحةً كبيرةً من مشاورات الورشة وبَرَزَت قضية الفوارق الاجتماعية ووجود طلاب أثرياء وسط الفقراء كنقطة جوهرية، عَزا لها الجميع تفشي الظاهرة، وفي مثل هذا الحديث إشارة الى قصور بائن لمؤسسات دعم الطلاب، فالأمر يتطلب توفير باحثين إجتماعيين في المجمعات السكنية وتقديم الدعم المباشر والمجزي للطلاب حتى لا يقعون فَريسةً لشبكات المخدرات والدعارة والإنحلال وتمتين بنية الوعي الطلابي داخل مؤسسات التعليم العالي وملء فراغ الطلاب بالتحصيل والنأي عن التوسع في كليات الكم على حساب الكيف، ومن قبل ومن بعد تشكيل لجنة قومية من الجهات ذات الصلة لإقرار تدابير عاجلة لوقف هذا التردي الأخلاقي..!
يُخيّل اليّ أن كل نكسات التعليم في بلادي عائدة إلى إلغاء المرحلة المتوسطة التي كانت تصيغ الطلاب في مرحلة عمرية حرجة ومهمة في تشكيل السلوك والاهتمامات والتوجهات، فالتعليم ضاع حينما أضعنا المرحلة المتوسطة - ردّ الله غربتها - واللاّ شنو
ا(( الكاتب محمد عبدالقادر جريدة الراي العام السودانية ))[/size]