تعرف إثنان من الأصدقاء على شخص مصادفة ، وتوطدت العلاقة بينهم، وقد طلب منهما مراراً زيارتهما له في منزله وذات مرة إفتقداه عندما لم يلتقِ بهما في المكان المعتاد فذهبا إلى منزله وسألا عنه وعرفا انه قد سافر، ولكن زوجته أصرت على دخولهما المنزل، وقادتهما نحو الصالون وهناك وجدا ما بهرهما من الأثاث وجمال الحيطان .. وبعد فترة لم تطُل، دخل عليهما صبي حسن الوجه، فارع الطول، ممتلىء الجسد ينضح بالصحة والعافية، يرتدي ملابس فخمة أنيقة منسجمة الألوان ووضع أمامهما صينية كبيرة إتحدت أكوابها وأنسجمت ألوانها وشكلها مع أباريق الشاي واللبن، وتعددت وتنوعت قطع «ا لجاتوه» بجانبها، فصب لكل منهما كوباً من الشاي على كوب من الصيني الفاخر، وأتخذ مكاناً غير بعيد على كرسي جلوس فاغم فأستمتع الضيفان بشرب الشاي وكلما تناولا قطعة من «الجاتوه» أغرتهما بالأخرى فيستزيدان منها وعندما فرغ كوبا الشاي نظر أحدهما إلى الآخر نظرة فهم منها أنه يطلب المزيد.
فأنتهره بصوت خافت:«إختشي يا أخي، الولد ده بعاين لينا» فطلب منه صديقه أن يشغل الولد بالكلام حتى يتسنى له صب المزيد دون أن يراه؟ فبدأ صاحبنا بسؤال الولد« انت قلت لي أبوك سافر متين؟» فردّ الولد:«أأأبويا.. أأبويا أنا؟» فقال له:«يعني أبويا أنا؟» فقال الولد :«أأبويا سافر باكر» وهنا صاح الصديق لصاحبه :«كُب الشاي.. كُب.. الولد طلع أي كلام» وأنكبا على الشاي والجاتوه حتى قضيا على الأخضر واليابس وحملا الصينية الفارغة ووضعاها أمام الصبي بعد أن تركا أثراً على كوب ثالث.
وعندما دخلت عليهم أم الصبي، حسبت أن إبنها هو الذي أجهز على المأدبة فأنتهرته قائلة: «مية مرة يا ولدي قلت ليك لما نجيب حاجة للضيف ما تأكلها منه» وأسرع أحد الصديقين بالقول:«خليهو يا حاجة.. أصلو أولاد الزمن ده ما بسمعوا الكلام»..
وأصبحت عبارة «كُب الشاي.. كُب» عبارة نطلقها على كل من حسن مظهره وساء جوهره