في أمسية من أماسي بغداد الجميلة والمكان قصر الخليفة الامين ابن زبيدة زوجة هرون الرشيد . والضيوف لفيف من الشعراء والندامي . فيهم أبو الحسن بن هاني ( ابو نواس) ومن السودان علي الشايقي الذي كان يعمل في بناء القصر الجديد لزبيدة أم الامين علي نهر دجلة وبعد أن تعشي القوم بما لذ وطاب . ودارت عليهم قداح الراح قال الامين : من منكم يصنع لنا شعرا" لا قافية له ..؟
فسكت الجميع .
قال أبو نواس : أنا . ووضع من فوره إرتجالا".
ولقد قلت للمليحة قولي ** من بعيد لمن يحبك (إشارةقبله)
فأشارت بمعصم ثم قالت ** من بعيد خلاف قولي ( إشارة لا - لا )
فتنفستُ ساعة ثم إني ** قلت للبغل عند ذلك (إشارة أمشي)
فتعجب جميع من حضر من إهتدئة وحسن تأتيه
فقال الامين : أحسنت يا ابا الحسن . وامر له بجائزة كبيرة
ثم قال الامين : والان من يستطيع ان يصنع لنا أبياتا" قافيتها أصوات وستكون جائزته جاريتي( الكنينة ). وهي جارية رومية من أحب جواري الامين الي قلبة . وكانوا ينادونها بالكنينة رطب الجنية فوقف الشاعر وانشد :
جرت الخيلُ فقالت ** حبطِق طق حبطِق طِق
وقام الثاني وانشد : فتفتحه طورا" وطورا" تجيفه فتسمع في الحالين منه جلن بلق
والبيت يحكي عن صوت باب ضخم في حالة فتحة وقفله ( جلن بلق)
وقام أخر وقال : إن القصير يتلوي بالجٌنبٌخ حتي يقول بطنه جخٍ جخٍ
و(الجنبخ) هو الطويل و( جخ جخ ) هو حكاية صوت بطنه
ولم يستطيع أي من الشعراء أن يزيد علي بيت واحد
وهنا تململ ( الاسطي علي الشايقي ) في مجلسة . ولحظه الامين وخاطبه قائلا" : ها ياسوداني .أكو حاجة تبقي تقولها ..؟
فرد الاسطي علي قائلا" علي الطلاق ياسيدي الخليفي . الشوايقة عندنا في السودان يقولون أحسن من هذا .
قال له الامين : تفضل اسمعنا
فأنبري الاسطي علي بعد أن شد اسلاك طمنبوره منشدا" بين يدي الخليفة
الله هٌوي ليلي انا ** الله الليل ليل والليل
ماني سيد بيت أفتح كرب ** وداير أنط الحوش ترترب
وداير اشوف اللابسي الدهب** والعكاكيز فوقي رب رب
ويارجال الله تقولوا كب ** وتقعوا الميجر من صنب
واستمر الاسطي علي في انشاده والقصيدة طويلة . والخليفة يتمايل طربا" ويقول استحسانا" : بخ بخ والله خوش قصيدة ويقول الراوي : ان الخليفة ظل يبخبخ , ويبخبخ حتي سقط ارضا" وأسعفوه ببخاخة الازمة.
فلما أفاق . قال له الاسطي علي يا سيدي الخليفي نعل مافي عوجة ؟
فرد علية الخليفة بحسرة .
هي عوجة وبس يالسنجل ما خلاص الكنينة وطارت مني .